ازمة التواصل والسريالية

فيه فترة في حياتي كنت بحب فيها دايماً اشوف اللوحات بس من غير ما فعلاً افهم المعني ليها بالذات اني مدرستش فن بس كان عندي شغف دايماً اعرف المعني ورا كل لوحة لحد ما شدتني لوحة سريالية اسمها persistenence of memory وقررت اقرا عن السريالية وشدتني لوحات كتير منها اللي هتكلم عنها دلوقتي . بس الأول يعني إيه سريالية ؟ هي كلمة مشتقة من الفرنسية معناها فوق الواقع وهي حركة فنية هدفها التعبير عن أفكار العقل الباطن بأضافة بعض المنطق لي ودايماً هتلاقي السرياليين بيستخدمو اشياء واقعية كرمز لأحلامهم وبيضيفوا ليها رموز من العقل الباطن فبيرتقو بالاشياء دي الي ما فوق الواقع المرئي .
اول لوحة شدتني بعد persistence of memory هي the lovers II اللوحة دي زيتية لفنان إسمه René Magritte مشهور بلوحاته السريالية اللي دايماً بيجيب فيها صور واقعية في سياق غير منطقي او غير معتاد وبتخليك دايماً تفكر في المعني وراها . اللوحة بتعرض مشهد kissing بين ولد وبنت وفيه زي حجاب بيغطي الاتنين وده بيمنعهم انهم يلمسو بعض ويعملو physical contact حقيقي . تفسيرات اللوحة دي حزينة فيه منها بيفسرها انه ممكن يبقي اتنين قريبين من بعض جداً “lovers ” ومع ذلك فيه اسرار وخبايا كتير بينهم ويكونوا في الاخر مش عارفين بعض فعلاً . وتفسير تاني انه سواء بقصد منهم أو لأ فكل انسان معقد لدرجة انه مستحيل تعرف حد بالكامل . وفيه تفسير انهم مش عارفين يتواصلوا وبالتالي فيه حاجز ما بينهم وبالرغم قربهم ده فكل واحد فيهم في عزلة وإحباط . ده غير نقطة مهمة وهي تكوين اللوحة نفسها ، مفروض أن الولد والبنت يكونوا في منتصف اللوحة بحيث أنهم يكونو مركز الاهتمام بس لو ركزنا هنلاقيهم مش في المركز وكمان الحيطة موجودة في الشمال مش اليمين وده بيخلي مفيش توازن و” symmetry” في اللوحة وده بيين انها ” moment of passion ” واندفاع عاطفي مهتموش فيها بظبط التفاصيل وظبط وضعهم ولكن علي العكس تماماً هي ألوان اللوحة ، الحيطة لونها احمر باهت والفستان كمان مع الأزرق الرمادي الباهت في خلفية اللوحة فواضح جداً أن الوان اللوحة مش مبهجة . الازرق متغطي عليه بالرمادي والأحمر باهت فلو النقطة الأولي بتبين اندفاعهم وعاطفتهم ناحية بعض فالالوان بتعمل العكس تماماً وده بيبين أنهم فشلوا في اظهار عاطفتهم وحميميتهم ناحية بعض بسبب بعدهم عن بعض وعدم قدرتهم علي التواصل .

حسيت انه اللوحة دي بتمثل اغلب العلاقات العاطفية بالذات في عصرنا اللي اغلب التواصل فيه عن طريق سوشيال ميديا . فاللوحة دي بتمثل اتنين في لحظة عاطفية جداً وبالرغم من ده فهي باهتة و كل واحد فيهم معزول ومش عارف يتواصل . وده بيحصل كتير في حياتنا وفي عصرنا اكتر من اي وقت تاني بقي فيه وحدة منتشرة مش بس لو انت فعلاً لوحدك لأ انت ممكن تبقي مع حد بتحبه بس لوحدك لانك مش عارف تتواصل معاه ومش عارف عنه كل حاجة .

ليه بنحلم ؟


الاحلام حاجة مشتركة ما بين كل الناس تقريباً وبتحصل بشكل يومي في نومنا منها المزعج والغريب والخيالي واللي بيخلينا مبسوطين لما بنصحي واللي العكس بيخلينا متضايقين . وعلي مر التاريخ كان استجابة الناس للأحلام مختلفة و كان ليها دور كبير في حياتهم فمثلاً في بداية تاريخ الإنسان بدأت فكرت ألهوية الموتي او البعث بالأحلام ده ازاي ؟ كان حد عزيز عليه بيموت فينام يحلم بيه وطبعاً لأنه مش مدرك يعني ايه حلم كان بيفتكر انه الشخص ده لسه عايش وانه هيرجع يُبعث تاني ومن هنا بدأت الفكرة وكانت موجودة في حضارات كتير زي الحضارة المصرية . ده غير أن الاحلام كان ليها مفسرين كتير ولحد النهاردة و كتير بيعتبروها دلائل علي احداث هتحصل في المستقبل ده غير أن اختراعات كتير وروايات ولوحات بدأت بأحلام زي أشهر مثال جوجل اللي اخترعه طالب في جامعة Michigan اللي حلم في يوم انه قدر يحمل كل الويب علي الكمبيوتر ولما صحي حاول يثبت ده بشوية مسائل رياضية و لاقي انه الموضوع ممكن فعلاً وبعد سنتين قدر فعلاً يصمم جوجل ! واللي اكتشف ال DNA دكتور چيمس واتسون حلم بسلم حلزوني ومن هنا قدرنا نكتشف شكل ال DNA الحلزوني ! ومن اكبر واهم نظريات عصرنا نظرية النسبية لاينشتاين استوحاها من حلم ! حلم بأنه كان ماشي في مزرعة ولاقي مجموعة من البقر متجمعين حوالين سياج كهربي و المزارع شغل الكهربا فجأه فشاف أن البقر كله رجع لورا مرة واحدة في نفس الوقت مع أن المزراع شافهم بيرجعو ورا واحدة ورا التانية ومن هنا استتنتج أن الأحداث بتبدو مختلفة علي حسب المكان اللي أنت واقف فيه وده لأن الضوء بياخد وقت عشان يوصل لعينيك . وحتي الجدول الدوري الحديث اللي اخترعه ميندليف اللي قعد عشر سنين بيحاول يوصل لنمط بيجمع العناصر الكميائية لحد ما في يوم نام وحلم بجدول فيه العناصر كلها متجمعة في مكانها الصحيح وصحي كتبه زي ما هو ! واللوحة المشهورة The Persistence of Memory لأشهر فنانين السريالية وهي الجمع ما بين الواقع والعقل الباطن والأحلام ، ووصف لوحته دي علي انها حلم مرسوم واللي فيها عناصر واقعية زي الصخور اللي موجودة في الخلفية واللي بتمثل ساحل كاتالونيا . والرواية العالمية المشهورة فرانكشتاين ، كانت المؤلفة ماري شيلي عمرها ١٨ سنة لما كانت بتقضي الصيف مع زوجها بيرسي شيلي في سويسرا ومعاهم بعض اصدقائهم ومنهم الشاعر بايرون وكانو بيقضوا وقتهم في السهر وفي قراءة قصص رعب ألمانية وفي يوم أقترح عليهم بايرون ان كل واحد يكتب قصص رعب وبعدها بكام يوم كانو كلهم قاعدين حوالين النار بيتكلموا عن قصص الأشباح فنامت ماري وحلمت بجثث بترجع للحياه وشافت صورة واضحة لفرانكشتاين وأول ما صحيت كتبت اللي شافته وبمساعدة زوجها اللي كان كاتب برضو قدرت تتوسع اكتر في روايتها اللي بقت اشهر روايات الخيال العلمي والرعب بالرغم من انها فات عليها اكتر من قرنين ! كل ده بيثبت اد ايه الاحلام مهمة واد ايه فرقت كمان في تاريخ البشرية فيا تري ليه بتحصل وازاي ؟

الاول عشان نعرف لازم نعرف ازاي بنوصل لفقرة الاحلام في نومنا والفقرات اللي بتسبقه ، في بداية النوم بتعتبر انك لسه واعي بشكل ما ومتنبه للي حواليك في الوقت ده الدماغ بينتج موجات اسمها بيتا واللي بتبقي سريعة وصغيرة وبعدين بيبتدي الدماغ يهدا شوية وينتج موجات ابطأ اسمها الفا في الوقت ده ممكن تمر بتجربة غريبة جداً بتحصل مع ناس كتير وبتبقي زي هلاوس انك بتقع او حد بينادي عليك او انك تحس بانقباض مفاجئ في عضلات جسمك ودي حاجة شائعة جداً وبتحصل غالباً بسبب تفريغ لكهربا في الجسم أو لأن دماغك بيصور لنفسه صورة زي أنك بتلعب كورة مثلاً فبتنقبض عضلات رجلك عشان كده . بعد فترة الدخول في النوم دي بقي بيبدأ النوم فعلاً اللي بتمر فيه بأربع مراحل اول واحدة هي الNREM ودي مرحلة نوم خفيف بتعتبر انتقال من الصحيان للنوم في الوقت ده الدماغ بينتج موجات بطيئة اوي اسمها ثيتا وعامة الفترة دي صغيرة جداً حوالي ٥ ل ١٠ دقايق وغالباً لو صحيت حد فيها مش هيدرك أنه كان نايم أصلاً . تاني مرحلة بتقعد حوالي ٢٠ دقيقة وفيها بيقل الوعي بالمحيط بيك وحرارة الجسم بتنخفض والتتفس وضربات القلب بتبقي منتظمة اكتر وفيها المخ بينتج موجات منتظمة وسريعة وغالباً المرحلة دي بتمثل حوالي 50٪ من وقت النوم كله . تالت مرحلة العضلات فيها بترتخي والتنفس بيبطئ وضغط الدم بينخفض وبتعتبر مرحلة انتقال من للنوم العميق وفيها بيقل الوعي تماماً بالمحيطات وبالاصوات . في اخر مرحلة من النوم وهي الREM المخ بينشط فيها اكتر والجسم بيبقي مرخي اكتر ومبيتحركش والعين بتتحرك بسرعة ومعظم الاحلام بتحصل في المرحلة دي لان المخ بيبقي نشيط في المرحلة دي جداً فحين ان عضلات الجسم كلها مرخية ، بعد ما المرحلة دي بتعدي الجسم غالباً بيرجع للمرحلة التانية وبيكمل نوم . الاحلام هي هلاوسات بتحصل في المرحلة الرابعة من النوم وبالرغم من أنه دور النوم معروف في تنظيم الهضم والنوم وضغط الدم وجوانب كتير جداً إلا ان دور الأحلام مازال مش محدد ، زي ما عرفنا الدماغ بيفضل نشط في كل مراحل النوم خاصة في مرحلة الاحلام وبالرغم من كده احلامنا بتكون في اغلب الأحيان بعيدة عن المنطق وده غالباً لأن المراكز العاطفية في المخ هي اللي بتحفز الأحلام اكتر من المنطقية ، كتير فسر الاحلام انها افكار وصور مبنية علي اخر محادثاتك والظروف والأحداث الاخيرة اللي حصلت في حياتك ومفيش اسباب مؤكده لكن فيه بعض النظريات منها أنها بتحضرنا وبتهيأنا لمخاطر ممكن نتعرضلها وده لأن منطقة الاميجدالا بتبقي نشطة جداً في مرحلة الأحلام ودي المنطقة في المخ المسئولة عن الغريزة الدفاعية و الرد علي المخاطر وتكوين ذكريات بالمخاطر اللي اتعرضنا ليها وده اللي ببخلينا نحلم كتير بأحلام الهروب والجري وأحلام بمخاوفنا ولكن الحمدلله منطقة جذع الدماغ بتبعت اشارات عصبية لعضلاتك في الوقات ده عشان ترتخي بحيث متضربش وتجري وانت نايم . ونظرية تانية وهي انها بتساعدنا نوصل لأفكار إبداعية وده لأن الاحلام مفيهاش منطق ولا حدود زي الواقع بتاعنا فبتساعد اكتر علي الابداع وده بيفسر كمية النظريات والروايات واللوحات اللي تم ابتكارها عن طريق الأحلام . ونظرية تانية بتقول انها بتساعدنا نتعامل مع مشاعرنا وده لأن الأحلام بيتحكم فيها مراكز العاطفة في المخ اكتر وده بيفسر ليه الناس اللي بتعرض لحوادث وفقدان ناس عزيزة عليهم بيحلمو بده كتير وده يمكن تشجيع ليهم انهم يحكو عن تجاربهم دي لناس تانية في مجتمعهم تقدملهم مساعدة . فيه كمان نظرية بتقول ان الاحلام عبارة عن فلتر للذكريات بتاعتنا ازاي ؟ كل يوم بنتعرض لكمية احداث كتيرة جداً علي المخ انه يستوعب ويحفظ كل ده ويحوله من الذاكرة قصيرة المدي للذاكرة طويلة المدى فأثناء واحنا بنحلم دماغنا بيحاول يفلتر ويصنف الذكريات دي بحيث يحتفظ ببعضها للذاكرة طويلة المدي ويمسح الباقي فاثناء عملية الفلترة دي المعلومات بتختلط ببعضها وبتبان الصورة العامة غير منطقية . ونظرية أخيرة وهي أن دماغنا بيحاول يفسر المؤثرات اللي بنتعرضلها واحنا نايمين زي طفل بيعيط او اغاني شغالة ” وده بيفسر ليه بنحلم بصوت المنبه ومبنصحاش ” .

Lucid dreams :-دي نوع خاص من الأحلام بيكون الشخص قادر فيها يُدرك أنه في حلم وكمان غالباً يقدر يتحكم في الحلم ده بس الأحلام دي نادرة جداً ، نص الناس بتتعرضلها تقريباً مرة او اتنين في حياتهم ونسبة قليلة جداً بتتعرضلهم بصورة مستمرة . فيه كمان رابط اكتشفوه بين قدرة الشخص علي الإبداع والتخيل وبين تعرضه للأحلام دي .

الكوابيس :- غالباً الأحلام بتساعدنا نتعامل مع مشاعرنا او نواجه مخاطر ممكن نتعرضلها او تعمل زي فلتر للذكريات بتاعتنا وكل ده مفيد بس ساعات احلامنا بتبقي مخيفة وبتخلينا مضغوطين وخايفين اكتر وده ما يُعرف بالكوابيس فليه بنحلم بكوابيس ؟

الغريب انه الكوابيس بتبقي أحياناً مفيدة جداً وفي الغالب بيبقي هدفها تحميك وتوجه اهتمامك علي موضوع معين انت مش واخد بالك منه ممكن يأذيك . فهي وسيلة اللاوعي بتاعنا أنه ينبهنا للمخاطر ولأي قلق ممكن يحصلنا بالذات لو حد اتعرض لحادثة فالكوابيس بتكتر جداً في وقت ما بعد الحادثة ده بحيث انها تنبهك وتحاول تمنعك انك يحصلك نفس الحادثة تاني .

هل ممكن الأحلام تتنبأ بالمستقبل ؟

احياناً فعلاً الأحلام بتبقي حقيقة ولكن ده لي كذا تفسير منها انه صدفة او انه عقلك الباطن كان عنده معلومات فعلاً عن اللي هيحصل او ان مجرد حلمك بحاجة معينة بيشجعك تاخد الخطوات ليها وبالتالي يخلي الحلم يتحقق .

ليه بنضحك ؟

ليه بنضحك ؟
ممكن يكون سؤال فكرت فيه قبل كده لو انت حد بتحب تأڤور ثينكنج كتير كده زيي او ممكن تكون اول مرة يخطر علي بالك فا يا تري ليه بنضحك ؟
فيه نظريات كتير حوالين الموضوع ده منهم انه بدأ مع بداية الإنسان لما كان بيواجه مخاطر في بيئته كتير كان الضحك زي طريقة تواصل ما بينهم بأن الخطر زال ففسر بعض العلماء أن الضحك نابع عن تراكم لضغط انفعالي زي التعرض لخطر ” مش شرط خطر مادي ” ممكن حاجة مش متوقعة او مقبولة اجتماعياً ” وده بيفسر ليه النكت الخارجة بتضحك اكتر ” وبمجرد ما الخطر ده يزول الضغط الانفعالي ده بيزول بالضحك
نظرية تانية بتفسره بأن الإنسان بيحب يحس بعلوه ” superiority” فلما بيشوف حد بيعمل حاجة غبية او مش منطقية بيضحك لأنه حاسس ان الشخص ده اقل منه وانه مش هيعمل حاجة غبية كده ودي يمكن نظرية مبالغ فيها شوية ومش بتبرر كل المواقف .
اكيد برضو بنلاحظ اننا لو اتقالنا نكتة اكتر من مرة مش بنضحك عليها زي أول مرة خالص وده بسبب أننا اساساً بنضحك بسبب المواقف الغير متوقعة
ازاي ؟
دماغنا دايماً متوقع كل حاجة تحصل بطريقة معينة واللي هي غالباً الطريقة المنطقية فلما يلاقي حاجة حصلت بطريقة غريبة وغير متوقعة ” زي حد مثلاً وقع وهو ماشي” بيعمل ايه ؟
لأما يعتبر ده خطر وحاجة غريبة وتبتدي أجراس الخطر تشتغل ” اللي وقع ده كسر رقبته ” لأما بيتقبلها وبيبقي وقتها بقي دور الضحك لأن الحاجة دي خلاص لاقاها مش خطيرة ومش هتأذيه ” حد وقع ومحصلوش حاجة ” . وهنا بيبان أهمية عامل المفاجأه وأن النكتة لو اتكررت كتير غالباً مش هتضحك زي أول مرة . و من الحاجات المميزة في الضحك أنه اللي بيلعب دور كبير لي في دماغنا هو جزء أسمه ” الاميجدالا” وده مسئول برضو عن تكوين وتخزين الذكريات العاطفية لينا وبالتالي بيخزن الذاكرة العاطفية عن الوقت اللي حصل فيه الضحك و عشان كده دايماً اللحظات اللي بنضحك فيها بتبقي مميزة في ذاكرتنا وليها أثر لطيف علينا .
وبسبب كده كمان الضحك له أهمية كبيرة في حياتنا الإجتماعية و لي دور كبير في تقوية علاقتنا لدرجة أن بعض التجارب اثبتت أن كونك وسط مجموعة من الناس بيخلي احتمالية الضحك عندك اقوي تلاتين مرة من لو كنت لوحدك وحتي لو كنت وسط صحابك مش بتقولو أي حاجة تتضحك فوجودك بس وسط مجموعة بيشجعك أكتر علي الضحك من لو كنت لوحدك وهنا بيبان أوي الدور الإجتماعي للضحك .